The Executive's Guide to Championing Business Process Re-engineering

دليل التنفيذيين لدعم إعادة هندسة العمليات



في ظل التغيرات المتسارعة في بيئة الأعمال بالمملكة العربية السعودية، وبالتزامن مع رؤية المملكة 2030، أصبحت إعادة هندسة العمليات من أهم الأدوات الاستراتيجية التي تلجأ إليها المؤسسات لتحقيق الكفاءة، تحسين الجودة، وزيادة رضا العملاء. ولم يعد التغيير خياراً، بل أصبح ضرورة لتواكب المنشآت الحكومية والخاصة متطلبات السوق والتكنولوجيا.

يقع على عاتق التنفيذيين في المملكة دور محوري في قيادة هذا التحول ودعم فرق العمل لعبور هذا التحدي بفعالية. من هنا، نقدم هذا الدليل الشامل الذي يستعرض خطوات عملية، وأدواراً قيادية، ونصائح تنفيذية لدعم إعادة هندسة الأعمال، بما يتماشى مع الخصوصية الثقافية والتنظيمية في السعودية.

ما هي إعادة هندسة العمليات؟


إعادة هندسة العمليات (Business Process Reengineering) أو ما يُعرف اختصاراً بـBPR، هي منهجية تهدف إلى مراجعة وتحليل وإعادة تصميم العمليات الإدارية والتشغيلية الأساسية داخل المؤسسة من جذورها، لتحقيق تحسينات جوهرية في مقاييس الأداء مثل الكلفة، الجودة، السرعة، وخدمة العملاء.

تختلف هذه المنهجية عن التحسين المستمر أو التطوير البسيط؛ فهي تركز على التغيير الجذري وليس التدريجي، وتتطلب جرأة في اتخاذ قرارات استراتيجية قد تشمل دمج أقسام، إلغاء وظائف، أو تبني تقنيات جديدة كليًا. لهذا السبب، يعد دعم الإدارة العليا وتنفيذيي المؤسسة أمراً حاسماً لنجاح أي مشروع إعادة هندسة الأعمال.

لماذا تحتاج المؤسسات في السعودية إلى إعادة هندسة العمليات؟


تواجه المؤسسات في المملكة تحديات وفرصًا فريدة، من أبرزها:

  1. التحول الرقمي: الدفع الحكومي نحو التحول الرقمي ودمج التكنولوجيا في الخدمات الحكومية والخاصة.


  2. زيادة التنافسية: مع دخول شركات دولية وإقليمية للسوق السعودي.


  3. توقعات العملاء: العملاء اليوم أكثر وعياً ويبحثون عن خدمات أسرع وأسهل وأكثر تخصيصًا.


  4. رؤية المملكة 2030: تفرض على المؤسسات تطوير قدراتها وتحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والجودة.



كل هذه العوامل تجعل من إعادة هندسة العمليات ضرورة حتمية لتحقيق الجاهزية المستقبلية وتثبيت موقع تنافسي في السوق.

دور التنفيذيين في دعم إعادة هندسة العمليات


نجاح أي مشروع إعادة هندسة يبدأ من القمة. وفيما يلي أهم الأدوار التي يجب أن يلعبها التنفيذيون:

1. القيادة بالتوجه والرؤية


يجب أن تكون لدى القيادات رؤية واضحة لأهداف المشروع، وأن يتمكنوا من إيصالها بوضوح لجميع المستويات الإدارية. إعادة الهندسة بدون رؤية واضحة تكون عرضة للفشل أو التشتت.

2. التمكين ودعم التغيير


يحتاج فريق المشروع إلى دعم صريح من الإدارة التنفيذية. يشمل هذا إزالة العقبات، تخصيص الموارد، وتوفير الحماية السياسية والإدارية للفريق الذي يقود عملية التغيير.

3. إشراك الموظفين وتغيير الثقافة


ثقافة المنظمة قد تقاوم التغيير، لذلك يجب على التنفيذيين أن يكونوا سفراء للتغيير وأن يشجعوا الموظفين على تبني التحول لا مقاومته.

4. الاتصال الفعال


إبقاء جميع الأطراف على اطلاع بالتقدم المحرز، والتحديات، والخطوات القادمة ضروري لتعزيز الثقة والمصداقية.

خطوات عملية لإعادة هندسة العمليات


نعرض فيما يلي الخطوات العملية التي يُوصى باتباعها عند الشروع في مشروع إعادة هندسة داخل مؤسسة سعودية:

الخطوة 1: تشكيل فريق العمل القيادي


يُفضل أن يضم الفريق التنفيذيين من مختلف الإدارات، بالإضافة إلى متخصصين في التحليل والإدارة والرقمنة. يجب أن يكون الفريق ذا سلطة ودراية بالسياق الداخلي.

الخطوة 2: تحديد العمليات الحرجة


يتم تحديد العمليات التي تؤثر بشكل مباشر على رضا العملاء، الكفاءة التشغيلية، أو تكلفة التشغيل. غالباً ما تكون هذه العمليات مرشحة مثالية لإعادة الهندسة.

الخطوة 3: فهم الوضع الحالي


جمع وتحليل البيانات الخاصة بالعمليات الحالية. تشمل هذه الخطوة تتبع تدفق العمل، تحديد النقاط العالقة، وفهم الأسباب الجذرية للمشاكل.

الخطوة 4: إعادة التصميم


في هذه المرحلة، يتم تصور نموذج جديد للعملية يعتمد على التكنولوجيا، التخصص، إزالة الهدر، وتبسيط الخطوات. من المهم إشراك المستخدمين النهائيين والمستفيدين خلال هذه المرحلة.

الخطوة 5: اختبار النموذج الجديد


قبل التنفيذ الكامل، يُفضل تطبيق النموذج الجديد على نطاق محدود (Pilot) لتحديد المشاكل المحتملة وإجراء التعديلات اللازمة.

الخطوة 6: التنفيذ الشامل


بعد التأكد من كفاءة التصميم الجديد، يتم تنفيذ العملية على نطاق كامل مع خطة تغيير مدروسة تشمل التدريب، والتواصل، وتعديل السياسات الداخلية.

الخطوة 7: التقييم والتحسين المستمر


حتى بعد التنفيذ، يجب مراقبة الأداء وقياس الأثر والتحسين المستمر لضمان استدامة الفوائد.

تحديات تواجه التنفيذيين أثناء التنفيذ


رغم أن إعادة الهندسة تمثل فرصة كبيرة، إلا أنها تأتي أيضاً بعدة تحديات، منها:

  • المقاومة الداخلية: من الموظفين أو الإدارات التي ترى في التغيير تهديدًا.


  • ضعف البنية التحتية الرقمية: بعض المؤسسات قد تكون غير جاهزة تقنياً.


  • صعوبة تغيير الثقافة التنظيمية: خصوصاً في المؤسسات ذات التسلسل الهرمي التقليدي.


  • عدم وجود مؤشرات أداء واضحة: مما يصعب تقييم نجاح المشروع.



أدوات تقنية لدعم إعادة هندسة العمليات


يمكن للتنفيذيين الاستفادة من عدد من الأدوات والمنصات لدعم عمليات إعادة الهندسة، منها:

  • أدوات النمذجة (مثل BPMN وVisio)


  • منصات إدارة العمليات (مثل ARIS أو Signavio)


  • أنظمة ERP المتقدمة مثل SAP أو Oracle


  • تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية



قصص نجاح سعودية


1. وزارة العدل


أطلقت الوزارة مبادرة لإعادة هندسة خدمات التقاضي الرقمي، مما قلص مدة القضايا بنسبة تزيد عن 50%، ورفع رضا المتعاملين بشكل ملحوظ.

2. أرامكو


طبقت الشركة نموذجًا متقدمًا لإعادة تصميم سلسلة الإمداد باستخدام التحليلات الضخمة والذكاء الاصطناعي، مما وفر ملايين الريالات وخفض زمن الاستجابة للعملاء الداخليين والخارجيين.

3. الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك


أعادت تصميم خدماتها الإلكترونية بالكامل، مما سهّل الإجراءات على قطاع الأعمال وأصبح الحصول على التراخيص يتم إلكترونيًا خلال دقائق.

توصيات للتنفيذيين في المملكة



  1. ابدأ صغيرًا، ثم توسع تدريجيًا ابدأ بإعادة هندسة عملية واحدة ذات تأثير واضح، ثم عمم المفهوم تدريجيًا داخل المنظمة.


  2. اجعل الموظف شريكًا لا متلقياً المشاركة الفاعلة للموظفين تولد شعوراً بالملكية وتقلل المقاومة.


  3. استثمر في التدريب والتأهيل المعرفة هي القوة. وفر برامج توعية وتدريب لمنسوبيك لتعزيز ثقافة التحول.


  4. اربط إعادة الهندسة بالأهداف الاستراتيجية كل عملية تُعاد هندستها يجب أن تسهم في تحقيق هدف استراتيجي مرتبط برؤية المؤسسة.


  5. لا تهمل إدارة التغيير المشروع التقني أو الإداري بدون خطة إدارة تغيير محكمة قد يفشل حتى لو كان التصميم ممتازاً.



الخلاصة


في بيئة تنافسية ومتغيرة كالتي تعيشها المملكة، لم يعد مقبولاً استمرار المؤسسات بنفس الطرق القديمة. التنفيذيون اليوم هم القادة الحقيقيون لمسيرة التغيير، ومن دون دعمهم الفعلي والمستمر، لن تنجح أي مبادرة لإعادة هندسة الأعمال.

الفرصة سانحة الآن، والتقنيات متوفرة، والإرادة الوطنية قوية. كل ما يتطلبه الأمر هو قيادة جريئة، رؤية واضحة، وخطة تنفيذ واقعية تنبع من خصوصية كل مؤسسة.

إذا كنت من التنفيذيين الذين يسعون إلى ترك بصمة حقيقية، فإن تبني إعادة هندسة العمليات هو الخطوة الأولى على الطريق نحو مستقبل أكثر فعالية وابتكارًا.

 

You May Like:


Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *